كانت هنا وردة ، لها ألوانٌ كثيرة ، فكل شخص يستطيع أن يراها باللون الذي يحبه ، حكايتها قصيرة ، غرسها على الحب رجالٌ من أجل الحب
سقوها بآمالهم وأحاطوها بالمحبة والوداد ، حافظوا عليها حتى بدأت ترسم حياتها وتمتد خارجةً من تربتها لتعانق الأفق .
جئت ذات مساء للأرض التي تنمو بها هذه النبتة ، رأيتها للمرة الأولى حيث أضفت على نفسي السعادة ورسمت ابتسامةً رقيقةً على شفاهي
جعلت محيّاي يشرق بالنور ذات مساء ، فكأنما كنت شعلةً مضيئةً ومن حولي أنرت الظلام ، إحساسٌ رائع ، أشبه ما يكون بعودة مغترب
لأحضان وطنه وأقرب ما تكون لارتمائة عاشق في أحضان فاتنته .
إنه شعور السكينة ، ما أجمل الشعور بالسكينة .
ما زالت هذه الوردة عشقي منذ أن رأيتها ، أشعر أنها وطني الحبيب الذي لا أريد أن أفارقه ، لا ينتابني أي إحساسٍ يدعوني للمغادرة ولا
أملك أمامها سوى أن أفتح قلبي لها لأشاركها وجداني ، هي حبيبةٌ للغزل وللوصف وللفرح ولا مكان لغير ذلك ، لا تهبّ عليها إلا النسائم
فهي بذاك لطيفةٌ يمرّ بها اللطف ، فتستشفّ لطفاً مما حولها فيجتمع اللطف كلّه لها فتكون هي اللطف الذي يستقي منه من حولها لطفاً
ويذوب لطفاً .
لا يسقيها مطر السماء ولكن يسقيها مطر القلوب ومطر الأقلام ، يسقيها الصفاء ويسقيها العطاء ، يسقيها الوداد والرغبة في الرقي
والإستزادة ، ما تعيش لأجله هذه الوردة هو أمرٌ واحد ، من الممكن تحقيقه هو الرقي ، أن تكون رردةً جميلة ، أجمل من كلّ الورود التي
حولها .
ولكن بالرغم من جمالها إلا أنها لا تستطيع أن تكتسب الجمال ولا أن تصل إلى المأمول إلا بمساعدة عاشقيها ، بصدقهم ، بصفاء قلوبهم
أشعر من جميع من حولي ، أن رياح السموم قادمة كي تذبلها وأن القلوب لم تعد تسقيها لطفاً ، بل أصبحت تسقيها دماء المعارك وتقرع
من حولها طبول الحرب .
ستكون الوردة المسكينة ميدان حرب لشرود تفكير ونضب عاطفة وفساد رأي وصلابة عناد ، فهل ستقوى وردةٌ اعتادت على اللطف أن
تكون ساحةً للمعركة ؟!
لا أظن ذلك !
إنها الحرب تقضي على كل شيء ، تقضي حتى على جمال وردة وتسلبها الحياة !.
أغصان تلك الوردة هي سبب كل هذا ، وقد انقسمت أغصانها لأكثر من فريق وأكثر من حزب وكل حزبٍ بما لديهم فرحون ، يجمعون
موائد الخسارة ويريدون أن يقتسموا المكاسب فأي غباءٍ وأي حمقٍ أشدّ من هذا وهل نطلب من الأعمى أن يصف لنا كيف يرى منظر
قوس قزح ؟! .
أيتها الأغصان ، ألستم كياناً مشتقاً من كيان وردة ؟
أليست حياتكم مرهونةً بحياة وردة ؟
لماذا تريدون أن تقتلوا أنفسكم وتقتلوا وردتكم ؟
توقفوا إن النذير قادم !!!
فلست أقوى أن أرى نهاية وردة أكون أحد عاشقيها وأحد أغصانها مثلكم تماماً ، إلا أنني سأكون غصناً منتظراً فقط
أنتظر النهاية أو أنتظر البداية !
لا فرق بحدّ زعمي إذا لم تصلِ الرسالة
فهل من مستمع ؟!